ونظرا لأهمية البعد الثاني فإننا سنحاول أن نتعرف على هذه المهام ليس فقط من خلال النص القانوني الذي يحدد هذه المام وانما من خلال التعرف على مهام المستشار بصفة عامة بغض النظر عن القطاع الذي ينتمي اليه وكذا مهام مستشاري التوجيه المدرسي والمهني الممارسين في قطاع التربية في الجزائر لما لهم من علاقة مهنية مع زملائهم في قطاع التكوين والتعليم المهنيين ، بالإضافة الى تعريف الممارسة الارشادية.
وكانت تابعة للديوان الجهوي للشغل واليد العاملة Office Regionale du Travail et de la Main- d’Oeuvre (ORTMO)
هذه المراكز لم تكن مهيكلة بمختلف المصالح التقنية والبيداغوجية بما فيها مكتب الاستقبال والإعلام والتوجيه لهذا فمتابعة التكوين كان يقوم بها مدراء هذه المراكز مباشرة وتحت وصاية المراكز الجهوية التي أنشئت ابتداء من سنة 1948 في كل من الجزائر ووهران وقسنطينة والتي كانت تقوم كذلك بنشاطات الانتقاء والتوجيه المهني للمتربصين الجدد حيث بقيت هذه الطريقة إلى نهاية الخمسينات (المفتشية العامة لوزارة التكوين والتعليم المهنيين ، ص2)
وفي السنوات الأولى للاستقلال لم يعد قطاع التكوين المهني يهتم فقط بمهن البناء بل أدخل تخصصات أخرى كانت تابعة لمركز التعليم التقني على غرار الميكانيك ،ومهن الخشب ،والكهرباء ،وأعمال المكتب.
مع إدماج هذه المهن أصبح التسيير التقني والبيداغوجي يتطلب متابعة دائمة للمتكونين وانتقاء وتوجيه فعال لطالبي التكوين وهو ما استمر في القيام به الديوان الجهوي للشغل واليد العاملة (الجزائر ،وهران ،قسنطينة ،ورقلة ) مع العمل على توظيف أعوان تقنيين في علم النفس العمل (المفتشية العامة لوزارة التكوين والتعليم المهنيين ،ص 2،3)
هذا النظام في الانتقاء والتوجيه تم التخلي عنه فيما بعد ليحل محله الانتقاء المباشر الذي يعتمد على معاينة وتقييم المكتسبات المدرسية ، ومعدلات الاختبارات المدرسية. (المفتشية العامة لوزارة التكوين والتعليم المهنيين ،ص3)
وأما التوجيه فبقي مقتصرا على التكوين الحضوري فالمتمهنون لا يخضعون للانتقاء والتوجيه ويكتفون بالفحص الطبي الذي تقوم به مصالح طب العمل رغم أن قطاع التكوين المهني في هذا الوقت بدأ في توظيف العاملين النفسانيين التقنيين (المفتشية العامة لوزارة التكوين والتعليم المهنيين ،ص3)
التعريف الاصطلاحي للمفهوم:
- تعريف داود والكبيسي(1989):
" الممارسة الإرشادية مجموعة من الإجراءات التي تتضمن علاقات إنسانية سليمة بين المرشد والطالب، تهدف إلى مساعدة الطالب في تفهم ومواجهة المشكلات التي تواجهه بغية إرشاده إلى الطريق الأصوب لاتخاذ القرارات السليمة نحو المواقف والقضايا التي تواجهه من أجل تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي" (فنطازي ولوكيا، 2010)
- تعريف الزعبي(1994):
" الممارسة الإرشادية هو علاقة دينامية مهنية واعية بين المرشد والمسترشد تهدف إلى الفرد المسترشد على أن يعرف نفسه ويفهم ذاته، وذلك من خلال نظرة كلية لجوانب شخصيته، ليتمكن من تحقيق أهدافه وتحقيق التوافق النفسي، مما يسهم في نموه الشخصي المهني والتربوي والاجتماعي بشكل فعال". (فنطازي ولوكيا، 2010)
- تعريف الشناوي(1996):
" الممارسة الإرشادية عملية ذات طبع تعليمي تتم وجها لوجه بين مرشد مؤهل ومسترشد يبحث عن المساعدة ليحل مشكلاته ويتخذ قراراته، حيث يساعده المرشد باستخدام مهاراته والعلاقة الإرشادية على فهم ذاته وظروفه والوصول إلى أنسب القرارات في الحاضر والمستقبل" (فنطازي ولوكيا، 2010))
- تعريف رابطة علم لنفس الأمريكية (1981):
" الممارسة الإرشادية هي تلك الخدمات التي يقدمها أخصائيو علم النفس الإرشاد والذين يستخدمون مبادئ ومناهج وإجراءات لتيسير السلوك الفعال للإنسان على امتداد حياته كلها، بهدف مساعدة الأشخاص على اكتساب أو تغيير المهارات الشخصية والاجتماعية وتحسين التوافق لمطالب الحياة المتغيرة وتعزيز مهارات التعامل بنجاح مع البيئة".(فنطازي ولوكيا، 2010)
4. مهام مستشار التوجيه المهني:
من خلال قراءتنا للتعاريف الأربعة للممارسة الإرشادية نجد أن الرابطة الأمريكية أعطت لهذه العملية مفهوما واسعا ولم تحصره في مجرد مقابلة تتم بين شخصين مرشد ومسترشد بل هي مجموعة من الخدمات أي مجموعة من العمليات المتتابعة من أجل مساعدة شخص ما في تجاوز مشكلات معينة أو توجيه طاقاته وإمكانياته نحو تحقيق أهداف تخدمه وتخدم المجتمع وهو الأمر الذي يدفعنا إلى النظر في المهام التي يقوم بها مستشارو التوجيه والتقييم والإدماج المهنيين لفائدة طالبي التكوين من قبل أن يلتحقوا بالتكوين المهني و إلى غاية تخرجهم و توجههم نحو عالم الشغل ، لكن وقبل أن نعرض مهام مستشار التوجيه والتقييم والإدماج المهنيين الممارس في المؤسسات التكوينية سنعرض مهام مستشار التوجيه المهني بصفة عامة ثم مهام مستشاري التوجيه المدرسي والمهني الممارسين على مستوى المؤسسات التربوية (الثانويات).
هذا وقد حددتLa SCAGES (10)نشاطات أساسية للتوجيه وهي(Peter plant , 2001, P5)
جدول رقم (01): يبين النشاطات الأساسية للتوجيه
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
وفيما يلي سنعرض المهام الأساسية لمستشار التوجيه والتقييم والإدماج المهنيين وهي: الإعلام، التوجيه، التقويم ،وأخيرا المتابعة النفسية والبيداغوجية .
ينبغي على المستشار أن يبلغ المعلومات التي في حوزته إلى المتعاملين التربويين ليتمكن من
نسج شبكة للاتصال يمكن للتلميذ أن يلجأ إليها في كل وقت وظرف. وتقوم عملية التوجيه على
الإعلام بشكل أساسي، ويسعى مستشار التوجيه من خلال نشاطه الإعلامي إلى مساعدة التلميذ
على بلورة مشروعه المهني و المستشار بحكم وظيفته يعد مصدرا هاما لإعلام في المؤسسة
التربوية او المهنية، وهمزة وصل بين المؤسسة من جهة والأسرة والتلميذ من جهة أخرى ..
"ويهدف النشاط الإعلامي إلى تمكين التلميذ من إعطاء معنى لدراسته وا قامة علاقة بين
التدريبات الدراسية والاندماج الاجتماعي المهني في المستقبل ، كما يهدف إلى اكتساب السلوكات
والمهارات التي تسمح له بالتكفل بنفسه فيما يخص توجيهه المهني واختياره .
يقدم مستشار التوجيه الإعلام إلى المتعاملين التربويين، ويوجه هذا الإعلام للتلاميذ وللأولياء
بالدرجة الثانية، ويليهم بقية المتعاملين.
- وسائل الإعلام داخل التكوين المهني : يستعمل مستشار التوجيه مجموعة من السندات
الإعلامية التي قد يشارك في إنجازها أو قد يكون هو أنجزها .تتضمن هذه الوسائل معلومات
تعرف بمختلف الجذوع المشتركة والشعب وموادها الأساسية ومعاملاتها وامتداداتها الجامعية
والمهنية، متى وكيف يتم تقديم الطعون، تتضمن أيضا كيفية المراجعة المنهجية(. لا سيما لتلاميذ
الأقسام النهائية)،...إلخ .ومن أمثلة هذه السندات الإعلامية المناشير الوزارية، الملصقات، الكتيبات، المطويات و الدلائل ·.وتعتبر هذه السندات الإعلامية وسائل إيضاح يستعملها المستشار أثناء تقديمه للحصص الإعلامية كما أنه يوظفها في مكتبه على شكل معلقات وملصقات، كما يمكن أن يشكل بهذه السندات خلية الإعلام والتوثيق، حيث قد تشكل هذه الأخيرة ركن في مكتب المستشار، أو يخصص لها مكتب خاص بها إن أمكنه ذلك.وتختص هذه الخلية بجمع كل السندات الإعلامية التي تساعد التلميذ وحتى بقية المتعاملين المهنيين على الاطلاع وفهم كل ما يستجد على الساحة التربوية من إجراءات وتوجيهات ويصبو مستشار التوجيه المدرسي والمهني من تأسيس خلية الإعلام والتوثيق إلى أكثر من مطالعة التلميذ لهذه الوثائق بل السماح له بتوسيع مجال ثقافته ورصيده اللغوي، وكذلك الاطلاع على الوثائق المنجزة حول المنافذ الدراسية والمهنية التي تناسب الميول و المستوى الدراسي للتلميذ .فيما يخص بقية المتعاملين المساعدين فإن مستشار التوجيه يقدم لهم كل المعلومات المتعلقة بالتلاميذ من خلال احتكاكه بهم ومن خلال حوصلة متابعة نتائجهم المدرسية الحالية والقبلية وذلك في الاجتماعات التي يعقدها معهم، كاجتماعه مع مدير المؤسسة التكوينية ومع الأساتذة أثناء مجالس الأقسام، ومع الفريق الإداري أثناء مجالس التنسيق الإداري ومع الأولياء أثناء إعلام الأولياء الجماعي أو الفردي:
التوجيه هو الإجراء الذي يسمح للتلميذ بعبور المراحل التي يتكون منها النسق المهني، فهو يتبعه في مشواره المهني .وفي كل مرة تحضر أمامه مجموعة من الاختيارات وعليه أن يتوجه .والاختيار المدرسي يتبعه اختيار مهني، "فكثيرا ما يختار الفرد مهنته بناء على معطيات غير صحيحة أو على طموحات مزيفة وهنا يبرز دور مستشار التوجيه وماله من أهمية في توضيح كل ما من شأنه أن يساعد التلميذ على فهم نفسه أولا وتفهم المحيط والمهني ثانيا .فتلميذ مرحلة التعليم الثانوي يواجه تغيرات جسمية وعقلية واجتماعية أكثر وضوحا من المراحل السابقة، ومن جهة أخرى فإن مرحلة الثانوية تعد
مرحلة تقرير المصير بالنسبة للتلميذ من حيث التصميم والتخطيط لمواصلة دراسته العليا أوترك المدرسة ليمارس عملا ما تعد عملية التوجيه المهني من أهم العمليات داخل المؤسسة وجوهر برنامج التوجيه المهني حيث يقضي مستشار التوجيه معظم وقته داخل المؤسسة في عملية التوجيه المهني سواء كانت فردية أو جماعية . ويهدف مستشار التوجيه المهني من خلال التوجيه إلى مساعدة التلميذ على تحقيق التوافق بين قدراته الدراسية وميولاته ورغباته من جهة، وبين تكوينه الدراسي والتخصصات المهنية م ن جهة أخرى
يحتل التقويم في المؤسسة جانبا مهما من العملية التكوينية ويشكل عنصرا أساسيا من عناصر المنهج المهني، حيث يسعى إلى معرفة مدى نمو شخصية المتعلم من جميع نواحيها العقلية والعاطفية والنفسية والسلوكية وغيرها .أما " ماك دوالد " فيفكر في أن التقويم يقوم بمهمة تزويد الإعلام للمتعاملين داخل المؤسسة التربوية ، هذا الإعلام متعلق أيضا بمحتويات ووسائل الفعل التربوي ، ويعد التقويم من أهم المحاور الكبرى التي يجب أن ترتكز عليها المهام التي يقوم بها مستشار التوجيه المدرسي والمهني بالمؤسسات التعليمية التكوينية يهدف مستشار التوجيه المدرسي والمهني من عملية التقويم إلى مساعدة الطالب على اختيار نوع الدراسة التي تلاءم قدراته واستعداداته وميوله، كما يساهم في حل مشكلات الطالب التربوية مثل الاهتمام بالطلبة المتفوقين وإتاحة الفرصة أمامهم للابتكار والإبداع وتحقيق نمو متكامل وكذلك فهو يهتم بالطلبة المقصرين دراسيا فيحاول أن يبصر الأستاذ بأسباب قصورهم وإيجاد الحلول المناسبة لمشكلاتهم التربوية، والعمل على رفع تحصيلهم الدراسي والمهني بما يحقق توافقهم التربوي ، وبالتالي تحقيق توافقهم المهني ، حيث يشير هذا الأخير إلى التواؤم بين الفرد ومهنته من خلال شكل من أشكال التناسق المتبادل الذي يؤدي إلى تحقيق أفضل عائد وظيفي سواء للمهنة أو الفرد ويهدف مستشار التوجيه المدرسي والمهني من وراء عملية التقويم إلى جملة من الأهداف يمكن حصرها فيما يلي:
-1الاهتمام بالتلميذ أو شعاره بأن هناك من يهتم به ولا يبخل عليه بنصائحه وإرشاداته
-2التقليل من الرسوب المدرسي أو المهني والتسرب وذلك عن طريق المتابعة.
-3تشخيص النتائج الدراسية للتلاميذ حيث يلعب الأستاذ دورا هاما في إدلاله على التلاميذ
المقصرين دراسيا، وقد يرجع التقصير أو عدم التوافق الدراسي إلى عدم الرغبة في المادة نفسها أو عدم
التفاهم مع أستاذ ما، أو قد يعود إلى تأخر المستوى الفكري للتلاميذ
-4يلجأ مستشار التوجيه إلى التعاون مع مجموعة من الأساتذة ومستشار التربية من أجل إعداد قائمة بأسماء هذه الطبقة من التلاميذ ليستفيدوا من دروس الدعم أو حصص الاستدراك، وهذا لمحاولة استدراك النقص وتحسين مستواهم الدراسي.
-5التعرف على التلاميذ الذين لديهم حاجات خاصة غير مشبعة والتي قد تسبب لهم مشكلات نفسية وذلك ليساعدهم على إشباعها وتجنب المشكلات التي قد تحدث عنها
يهدف مستشار التوجيه إلى إزاحة جميع العوائق والصعوبات التي يمكن أن تعترض التلميذ في مشواره الدراسي وتسبب له سوء التوافق المدرسي. لذلك هو يحاول التقرب من التلميذ لحل مشكلاته النفسية والاجتماعية ويحدث هذا عن طريق المقابلات المتكررة حيث أن أسلوب التوجيه المتمركز أو المقابلة تسمح للتلميذ من تحقيق الأهداف التي يساعده المستشار في تسطيرها
كما يمكن إضافة بعض الكفايات الضرورية العامة في عملية التوجيه المهني وهي :
تقبل المسترشد والثقة فيه – الانفتاح على العالم وسعة الأفق والاطلاع – الأصالة – الالتزام المهني – القدرة على تحديد مشكلات المسترشد – الاستعداد المهني (عبد الله 2010، ص38- 39).
إن أبرز المعوقات التي تواجه التوجيه المهني هي:
1. الضغوط والاتجاهات السلبية السائدة في المجتمع. والتي تعطل، أو تعيق أي نشاط مستقل في مجال التكوين المهني.
2 عدم الفهم الواضـــح لطبيعة التوجيه المهني لدى الكثير من المختصين ,و ذوي العلاقة بالتوجيه المهني.
3 قلة النماذج في الاختيار المهني، التي يمكن أن تساهم في مساعدة الأفراد فــــي اختياراتهم المهنية.
4 نقص المعلومات اللازمة بشأن، قدرات، و استعدادات الأفراد، و المعلومات المهنية المطلوبة، و حاجة سوق العمل (عبد الله، 2010، ص28).
الأطروحات والرسائل:
هاجر بنت محمد عبد االله الشيدية : الصعوبات التي تواجه أخصائيي التوجيه المهني في مدارس ما بعد التعليم الأساسي بسلطنة عمان من وجهة نظرهم ،جامعة مؤتة 2010.
الوثائق والمناشير الرسمية:
وزارة التكوين والتعليم المهنيين ،المفتشية العامة ، تنشيط وتنسيق مكتب الإستقبال والإعلام والتوجيه
مرسوم تنفيذي رقم 12-108 مؤرخ في 05 مارس 2012 ، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ، العدد 15 ، 2012
مرسوم نتفيذي رقم 09-93 المؤرخ في 22 فيفري 2009 الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ، العدد 13 ، 2009
القانون رقم 08-07 المؤرخ في 23 فيفري 2008 الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 11 ،2008.
الدراسات:
فنطازي كريمة / لوكيا الهاشمي : معوقات العملية الإرشادية وآثارها النفسية على القانمين بها ،مجلة العلوم الإنسانية والإجتماعية ، العدد 3 ، 2010